“هات غيرهم”. سمعت الجملة جاية من ورايا، قلبي كان هيقف من الخوف، قولت بصوت خايف ومستسلم “حاضر” وبصيت جنبي على الأجسام اللي على الأرض وطلعت من المكان بسرعة. سامع ورايا صوت حركة المسخ الغريبة اللي شبه تزييق الباب.. أكيد دلوقتي هيبدأ يتغذى عليهم!
الكارثة دي حصلت إمبارح، شغال مهندس مدني في موقع بناء عند العلمين الجديدة، برج كبير قدام البحر، الموقع كان متجهز وطلعنا بدورين والشغل كان ماشي كويس لحد ما مراقب العمال جالي وقالي إن في 3 عمال اختفوا. استغربت، فكرت أتصل بالبوليس بس قولت يمكن يكونوا راحوا في حتة أو شغل ومش قايلين لحد. استنيت لحد بليل وسألت عليهم تاني بس رمزي مراقب العمال قالي لسه مرجعوش.
الأوضة بتاعتي جنب البحر، أول مرة أبات فيها تقريبا من بداية شغلي في الموقع، وقررت أقضي فيها الليلة دي علشان أتابع موضوع العمال، الدنيا هادية، العلمين جميلة بليل، الأبراج والشغل مبهر، بس لسه منطقة مش ساكنة فمخيفة بليل شوية خاصة مع منظر البحر الأسود قدامي.
فضلت قاعد أكتر من ساعة، الوقت داخل على 12 بليل، سمعت صوت حاجة بتخبط في الإزاز بتاع الأوضة، قومت وبصيت لقيت حاجة سودا مغطية الشباك من برا وبتزحف!
اتخضيت، نورت النور وبصيت لقيتها اختفت، فتحت وطلعت راسي برا ملقتش حاجة بس لمحت شئ أسود زي التعبان بيدخل من الشباك اللي جنب اوضتي. طلعت جري وخبطت على الباب لقيت اللي قاعد المهندس محمود أيوب، زميلي، فتح وواضح أنه كان نايم.
“في حاجة دخلت أوضتك”؟ سألته، بصلي باستغراب وبص وراه وقالي “لأ”. بصيت من جنبه لقيت الشباك بتاعه مفتوح. قولتله بتوتر: “لمحت حاجة دخلت من الشباك”.
وشه بقى عليه تعابير مرعبة، ودخل بدون كلام بص في الأوضة ملقاش حاجة. سيبته ورجعت اوضتي والتوتر ماليني، بمجرد ما قعدت سمعت صوت حاجة زي تزييق الباب بس متواصلة، قومت وبصيت تاني برا الشباك لمحت المرة دي حاجة سودا ضخمة ليها إيدين قصيرة جدا ورجلين أقصر وجسمها طويل شوية، شهقت، المخلوق بصلي، وشه أسود وفيه عيون صفرا. بمجرد ما شافني عمل صوت زي النواح وبدأ يتحرك بسرعة على الأرض كأنه بيزحف وراح ناحية بيت العمال.
نزلت جري، خايف بس الفضول هيموتني، قابلت واحد من العمال اسمه مصطفى وطلبت منه يجي معايا نشوف حاجة بسرعة، ورغم استغرابه جري جنبي من غير اسئلة كتير، وصلت هناك وطلعت السلالم جري ووصلت الدور بتاعهم ونورت نور الطرقة. سمعت صوت التزييقة جاي من أوضة، قربت من الباب، زقيته مرة واحدة لقيت قدامي المخلوق على الشباك المفتوح وفي إيده واحد من العمال واضح أنها متخدر، صرخت ومصطفى رجع لورا وهو بيبسمل وبيستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. طلع صوت زمجرة مخيفة من المسخ، كان ضخم وكبير وقادر يشيل راجل!
مسكت عصايا مقشة كانت جنبي وقربت بخوف وأنا بهوش بيها، صوت الزمجرة زاد، وبعدها جسم المخلوق اتمدد شوية ولقيته بيتسحب للشباك برا وهو شايل العامل ونزل بيه!
جريت بصيت لقيت المخلوق نازل على الحيطة وجسمه لاصق فيها لحد ما وصل تحت واتحرك بسرعة والعامل فوق ضهره ملصوق مش فاهم إزاي! أكيد جسم المخلوق ده لزج لدرجة أنه يلصق فيه جسم إنسان معدي الـ70 كيلو!
فضلت باصص عليه من فوق لحد ما وصل عند صخرة ضخمة ملامسة للبحر وبعدها اتحرك فوقها ونزل المياه.. لا لا مش المايه! نزل لمكان شوفته من هنا، تجويف تحت الصخرة الضخمة!
كده عرفت مكان العمال اللي اختفوا!
مصطفى جنبي واقف مذهول، بصيلته وحذرته “محدش يعرف اللي حصل”. وشاورت على تحت “أنا هتصرف”.
كل تفكيري أن محدش يعرف علشان الخوف، دي منطقة جديدة ولسه تتعمر، ولو طلع أخبار عنها كده أكيد الناس هتخاف وتعتبر المكان ملعون!
رجعت الأوضة وجسمي بيتنفض من الخوف، طلعت مسدس صوت وسكينة وحبل وكشاف ونزلت جري. الساعة دلوقتي واحدة بليل، لازم أخلص من الموضوع ده قبل الصبح، لازم انقذ العمال. وصلت الصخرة ونورت الكشاف وقلعت هدومي ونطيت في المياه. ساقعة بس مش مشكلة، عومت ومسكت في بروز بالصخرة ورفعت جسمي وبصيت بحرص ملقتش حاجة قدامي. التجويف كبير وواضح أنه بيودي لكهف أو حاجة زي الممر!
طلعت وجسمي بيترعش من البرد رغم أننا في عز الصيف، خطيت لجوا وفي إيدي السكينة، ده كهف طبيعي منحوت من الصخور والموج، واضح أن المخلوق ده كان عايش فيه لسنين لحد ما البشر وصلوا المكان بتاعه وقرر يعلن عن وجوده بأكتر طريقة مخيفة. أنه يخطفنا!
مشيت أكتر من دقيقة، المكان غويط، وصلت لممرين قدامي، عملت علامة على واحد بالسكينة ودخلت التاني ومكملتش 30 ثانية ولقيت قدامي العمال!
متمددين على الأرض، مش عارف أحياء ولا أموات، قربت من واحد منهم وخبطته على خده بس جسمه بارد تلج، ميتين، وجسمه نحيل جدا زي ما يكون اتمص دمه!
كنت هصرخ وأعيط من الصدمة، ماتوا! عيني اتملت دموع، ايدي بتترعش، صوت التزييقة جاي من برا وبيقرب، استخبيت ورا صخرة خضرا كلها طحالب وقفلت الكشاف وفضلت واقف. الصوت بيقرب، المخلوق وصل، أكيد كان في الممر التاني بيعمل حاجة!
سمعت صوت آدمي بيقول “عارف إنك هنا”! قلبي كان هيقف! ده بيتكلم!
لا الصوت ده صوت واحد من العمال! الدنيا ضلمة كحل مش شايف. الصوت كمل: “أنا عايز اكل”. فكرت أجري بس هو عارف المكان، ممكن أقع أو يمسكني وساعتها تكون نهايتي!
“أنا أقدم مخلوق على الأرض” قالها وجسمي اتنفض أكتر. كمل: “كنت في البداية عايش في البر ولما سكنتوه جيت البحر، ولما سكنتوه نزلت تحت بس وصلتولي برضه وكان لازم أطلع وأخد حقي”.
قولت بشكل لا إرادي: “إنت إزاي بتتكلم”! رد: “مش انا اللي بتكلم، أنا قوتي باخدها منكم، من جسمكم، بتكلم بلسانكم، بشوف بعينكم، بسمع بودانكم، اللي بيكون ليا باخد كل اللي فيه وبسخره يخدمني”.
مفهمتش، نورت الكشاف وطلعت لقيت المخلوق قدامي واقف وجسمه متمدد زي الدودة الضخمة، وواحد من العمال واقف زي الميت بس بقه بيتحرك وبيكلمني: “ساعدني وهتعيش”.
الخوف كبل جسمي ومش قادر أنطق. كمل: “هات أتباع ليا وغذا وهتكون تابع مخلص ليا”.
ختم الجملة وجسم العامل وقع على الأرض. المسخ بيستخدم أجسام اللي بيتغذى عليهم وبيحركها!
فكرت بسرعة ورديت بخوف واضح: “حاضر، بس سيبني أعيش”!
سكت، مردش، اتحركت وقولته باستسلام: “هخلي واحد من العمال يساعدني وهجيبلك كذا واحد اتغذى عليهم بس سيبنا نعيش”.
مردش برضه، خرجت وطلعت أجري لحد ما طلعت وجسمي كله غرقان مياه وعرق. وصلت الأوضة وكلمت مصطفى اللي كان معايا وطلبت منه يجيلي بسرعة ونزلت علشان أجهز الحاجة اللي هديها للمسخ علشان نعيش!
………………..
بوووووووووووووووووووووووووووووووووووم صوت الانفجار خرجني من الذكريات، طلعت أجري برا بسرعة وشايف الصخور بتبدأ تتهز وتقع والمكان بينهار، مصطفى واقف مستنيني وفي إيده مسدس، سمعت صوت زمجرة مهولة غاضبة جاية من القاعة، بصيت ورايا لقيت الصخور بتقع، الكشاف نوره بيترعش، المخرج بيقرب ولازم ألحق قبل ما اتدفن حي هنا، وصلت لحافة الصخرة ونطيت في المياه وبصيت لقيت الصخور وقعت والمكان انهار وصوت عمال في الموقع بيصرخوا من اللي بيحصل. عومت لحد ما وصلت البر وطلعت لقيت قدامي مصطفى بيمد إيده ليا وبيطلعني.
فردت ضهري على الرمالة وجسمي بيوجعني، غمضت عيني ومصطفى جنبي بيقولي “الحمد لله يا بشمهندس، أنت انقذتنا”. مردتش عليه. مفيش فيا حيل.
لما كلمت مصطفى وجالي طلبت منه يجيبلي عينات مانيكان من اللي بينخدمها في تدريبات الجودة والسلامة، 3 مانيكانات فرغتهم وحطيت فيهم متفجرات بتاعت الحفر، مصطفى ساعدني أشيلهم بحرص وأدخلهم للمسخ وبمجرد ما بدأ ياكلهم انفجرت في وشه والصخور والكهف اللي انهار كفيل أنه يدفنه للأبد.
“متجيبش سيرة لحد باللي حصل يا مصطفى”. قولتها ومصطفى بصلي وقالي “حاضر، هتكمل هنا يا هندسة”؟ رديت عليه: “النهاردة هقدم استقالتي وأشوف مكان تاني، اللي حصل معايا مش هنساه ومش عايز حاجة تفكرني بيه”.
كان متوقع الإجابة لأنه ابتسم وسكت، لولا أنه شاف معايا المسخ مكانش صدقني ولا ساعدني، بس اللي كان شاغلني حاجة واحدة بس، أنا دخلت ممر من الاتنين، الممر التاني ده كان فيه إيه؟!
………………………
الصخور انهارت وزمجرة مخلوقات كتير بدأت تعلى بالخوف في الممر التاني، استخبوا وسط بعض لحد ما كل حاجة هديت، خرج شوية منهم وبصوا لقوا الممر اللي جنبهم اتدمر والصخور مغطياه، زادت صوت زمجرتهم والتزييق في حركتهم واتجمعوا مع بعض كلهم وفجأة قامت جثة عامل من اللي ماتوا وكانت موجودة وسطهم، اتكلم بآلية: “أبونا مات، مفيش حد هيجيبلنا الغذا،لازم نخرج ونخدم نفسنا”. قالها وبعدها جسمه وقع على الأرض واتلم أكتر من 100 مخلوق جنب بعض يفكروا في طريقة للخروج!
#تمت
#عبدالرحمن_دياب
تم نسخ الرابط